الأربعاء، 19 يونيو 2013

جامعة القدس رمزاً للصمود أم رمزاً للتطبيع



جامعة القدس رمزاً للصمود أم رمزاً للتطبيع

يرى العالم البرازيلي بول فريري في التعليم وسيلة للثورة على القهر وصولاً، إلى الحرية والى تمكين المقهورين من مقدراتهم، ومنهجه في ذلك يرتكز على الحوار الذي يتبادل فيه المعلم والمتعلم دورهما، فيتعلم كل منهما من الآخر، ويصبح موضوع الحوار الذي يدور في الغالب حول أوضاع المتعلمين المقهورين وهو المدخل إلى تعليمهم القراءة والكتابة.
هذا المنهج مناقض للمنهج الذي اسماه فريري "التعليم البنكي" الذي يقوم فيه المعلم بإيداع المعلومات التي تحتويها المقررات في أدمغة المتعلمين والذي يقتصر دورهم على التلقي السلبي لتلك الإيداعات ومن شأن ذلك التعليم البنكي أن يخرج قوالب مكررة من البشر تسهم في تكريس الوضع القائم ولا تسعى إلى تغييره مهما احتوى من أوضاع جائرة.
يمارس النظام التعليمي البنكي في جامعة القدس كباقي المنظومة التعليمية في فلسطين المحتلة، ولكن خطورة هذا التعليم البنكي في جامعة القدس يختلف كثيرا عن باقي المنظومة التعليمية الفلسطينية فجامعة القدس هي إحدى المؤسسات القليلة التي صمدت في وجه منظومة الاحتلال في المدينة بعد أن قام الاحتلال بإغلاق اغلب المؤسسات الوطنية الفلسطينية في المدينة، لذا عمل الاحتلال على تطويع هذا الصرح العلمي بطريقة مختلفة تتمثل في تدجين إدارتها من خلال "المشاريع المشتركة بين الجامعة ونظيراتها في دولة الاحتلال" إذ تعمل الجامعة على تنفيذ مشاريع مشتركة مع بعض جامعات دولة الاحتلال كان أخرها المشروع التطبيعي بين جامعة القدس وجامعة التخنيون في دولة الاحتلال حول تنقية المياه من رواسب الأدوية المنفذ بدعم من شركة فرنسية ومركز بيرس للسلام حسب بيان الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل.
جامعة التخنيون كانت وما زالت إحدى الأعمدة الأساسية لبناء دولة الاحتلال والابارتهايد الإسرائيلي، هذه الجامعة التي بادرت عدد من الجامعات العالمية لمقاطعتها لدورها البارز في دعم منظومة الاحتلال، تقوم إدارة جامعة القدس بتطبيع صريح وعلني معها، هذا التطبيع ما هو ألا ترسيخ للأوضاع الجائرة والظلم الممارس من قبل دولة الاحتلال ضد أبناء شعبنا ومحاولة مخجلة لتبيض وجه الاحتلال، ففي الوقت الذي تقوم فيه دولة الاحتلال بسرقة الأرض والمياه الفلسطينية تقوم جامعة القدس بعمل مشروع مشترك لتنقية المياه.
الإدارة الدكتاتورية في جامعة القدس ترغب بفرض أجندتها السياسية من خلال نفوذها سوء كان ذلك عن طريق رئيس الجامعة المعروف بمبادرته التطبيعية، أو من خلال بعض أعضاء مجلس أمناء هذه الجامعة فأحدهم عضو مجلس أمناء في مركز بيرس للسلام وآخر صاحب مبادرة معروفة "للسلام" مع المستوطن رامي ليفي، هؤلاء مجتمعين ساهموا في أضعاف الحركة الطلابية مستفيدين من نظام التعليم البنكي، ومن ضعف الحركة الطلابية في الجامعة ومن اللعب على التناقضات الموجودة داخل هذه الحركة التي كانت في مرحلة من المراحل الرافد الأساسي لحركة التحرر الوطني، اليوم نرى الأثر المباشر لكافة هذه التناقضات على هذه الحركة، فالتطبيع يمر مرور الكرام في الجامعة دون نسمع أي شكل من إشكال الاحتجاج على هذه الإدارة ورموز التطبيع فيها من قبل الحركة الطلابية.
أصبحت كأحد خريجين هذا الصريح العلمي اخجل أن انتسب لها، ماذا سنقول لعلماء أمثال ستيفن هوكينج، ولعدد كبير من مجالس الطلبة والجامعات العالمية التي اتخذت قرار بمقاطعة دولة الاحتلال كيف نبرر هذا التطبيع المخزي بين جامعة القدس وجامعات دولة الاحتلال.
هنا يبقى السؤال مفتوح لمجلس التعليم العالي الفلسطيني، وللشرفاء في مجلس أمناء الجامعة والكادر الأكاديمي ونقابة الموظفين في الجامعة ولطلبة جامعة القدس على وجه الخصوص متى ستعود جامعتنا رمزاً للصمود والتحدي بدل أن تكون رمزاً للتطبيع والتخاذل متى ستعود للشعار الذي أطلقته الجامعة بأنها "رمزا للوحدة ونحو تعليم أفضل" ولا يبقى شعارها الممارس حاليا رمزا لفوضى التطبيع وتقويض الوحدة.

حازم ابوهلال
ناشط حقوقي
19-6-2013